الجمعة، 23 يوليو 2010

القارىء أحمد ندا

قبل ظهور الشخ أحمد ندا كانت قراءة القرآن هى مهنة من لامهنة لهم .. شخص حفظ بعض آيات القرآن باجتهاده الشخصى أو عن طريق الكتاتيب التى كانت منتشرة فى تلك الايام أو طالب لم يتفوق فى دراسته فى المرحلة الابتدائية .. أو رجل أعمى لم يجد وسيلة للرزق الا قراءة بعض الآيات فى مقابر الفقراء

وكان الأجر عشوة فى الغالب , وأحيانا قرش صاغ ولكن هذا القرش صاغ كان يكفى لاعاشة شخص لمدة يوم كامل , وكان الى جانب هؤلاء بعض المشايخ الذين ينشدون التواشيح , وكانوا معروفين عند العامة باولاد الليل , وكان عملهم مقصورا على انشاد بعض القصائد القديمة , وكان أشهرها على الاطلاق (اذا جاء يوم العرض والعرض واللقا) وكانت أصوات المنشدين فى هذه الفرق تشبه الصوت الناتج عن خشب يحترق أو الصوت الذى يحدثه احتكاك عجلات قطار بالقضبان عند أحد

المنحنيات , ولم يكن لهذه الفئة أجر معلوم , ولكن الأمر كان يتوقف على شهامة صاحب الدار .

وفجاة ظهر شيخ أسمر اللون , نحيف العود وسيم القسمات يقرأ القرآن بشكل جميل وبطريقة مبتكرة طريقة تجبر السامعين على الجلوس فى أماكنهم ساعات طويلة , وكما أثر الصوت الجديد على عقول ومشاعر المستمعين فقد احدث ثورة عارمة بين بعض المشايخ , وكان محور الثورة الذى يدور حوله النقاش والخلاف هو : هل الطريقة المبتكرة فى التلاوة وبهذا الصوت الجميل , حلال أم حرام ؟!

وترك الشيخ أحمد ندا أصحاب السؤال يتناقشون ومضى فى طريقة يحقق كل يوم انتصار باهرا , ويجمع فى كل يوم المزيد من المريدين والانصا ! , وهكذا قلب الشيخ العبقرى أحمد ندا الموازين كلها ووصل أجره الى خمسة جنيهات عن الليلة الواحدة , وجاب أقاليم مصر كلها يسهر فى قصور البشوات ودور العمد والاعيان , ويهرع لسماعه الألوف الذين يعجبون بصوته , ومرة اخرى ارتفع أجر الشيخ الى عشرة ثم الى عشرين ثم الى أربعين جنيها

وظل يرتفع أجره بعد ذلك الى ان بلغ مائة جنيه عن الليلة الواحدة , وأصبح للشيخ ندا حنطور تجره ستة خيول , وقصر يؤمه الشعراء والأدباء ورجال الحكم والسياسة , وأصبحت ندوة الشيخ احمد ندا هى الشعلة الوحيدة المضيئة وسط الظلام الرهيب الذى كان يومئذ يخيم على مصر .

ولم يدرك الشيخ ندا أنه بمسلكه هذا يشعل النار فى قلب الخديوىالجالس على العرش . فكيف يجرؤ رجل مصرى من طبقة فقيرة ومعمم على الظهورفى موكب ولا موكب الخديوى , ولأن الهيافة ليس لها حدود , فقد أصدر الخديو ( فرمانا ) بأن يكتفى الشيخ ندا بزوج واحد من الخيول يجر عربته الفيتون وتصادر العربة والاحصنة اذا اصر الشيخ على الظهور فى نفس الموكب وآثر الشيخ احمد ندا ان يتحاشى حماقة الخديو فاكتفى بحصانين اثنين لجر عربته , ولكن بقدر نقص احصنته ازدادت شعبيته وصار واحدا من اعلام مصر الخفاقة ونجما من نجوم المجتمع المصرى الذى يتردد على صالونه زبدة اهل مصر ويقف على بابه اصحاب الحاجات وكان الرجل كريما ينفق على سعة ويوزع النفحات والصدقات وكان أجره قد وصل الى مائة جنيه ذهبا عن كل ليلة , وكان يحلو له احيانا نثر الجنيهات الذهبية تحت اقدام احفاده كان الشيخ احمد ندا من اوائل الذين التفتوا الى موهبة ست الكل ام كلثوم كان يطرب لصوتها ويقبل على سماعها فى اى وقت وقد احيت ام كلثوم حفل زواج ابنه محمود ندا , ورفضت ان تتقاضى اى اجر ولسوء الحظ ان الشيخ احمد ندا رفض بشدة تسجيل القرآن الكريم على اسطوانات لايليق ان يحمل كلام الله , لأن الناس تتداولها وتحملها بأيد قذرة وتلقى بها أحيانا على الأرض , ولو سجل الشيخ بصوته العظيم بعض سور القرآن الكريم لكسبنا الآن ثروة فنية عظيمة با جدال – رحمة الله عليه - .

هذا الفتى الأسمر النحيل الوسيم الذى كان أول نجم تلألأ فى دولة التلاوة فى عصرنا الحديث , ابن حارة التلول الذى خرج من معطفه كل النجوم الزاهرة التى اضاءت دولة التلاوة بنورها وللعلم ان الشيخ احمد ندا هو جد الفنانة شريفة فاضل والفنانة سناء ندا


http://ar.shvoong.com/humanities/religion-studies/1806845-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D8%B1%D9%89%D8%A1-%D8%A3%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D9%86%D8%AF%D8%A7/

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
Copyright © Accounting&Auditing
Theme by BloggerThemes & WPThemesFree Sponsored by iBlogtoBlog
This template is brought to you by : allblogtools.com | Blogger Templates